حذر الطبيب النفسي الإيطالي جايتانو سجارلاتا، من أن المهاجرين الـ 47 المتواجدين على متن سفينة الإنقاذ "سي ووتش"، العالقة في البحر قبالة سواحل سيراكوزا الإيطالية، قد يصابون باضطرابات ما بعد الصدمة، التي سيكون لها تأثير يلازمهم طوال حياتهم، موضحا أن هذه الاضطرابات قد تتطور إلى أمراض مثل الانفصام والاكتئاب الشديد والميول الانتحارية، ودعا إلى السماح بنزولهم فورا في إيطاليا.

يمر 47 مهاجرا، يتواجدون على متن سفينة الإنقاذ "سي ووتش"، العالقة قرب السواحل الإيطالية، بحالة من عدم اليقين خلال انتظارهم لمعرفة ما إذا كان سيسمح لهم بالهبوط في أوروبا، وهي معاناة ربما تكون لها عواقب قد تلازمهم طوال حياتهم، وفقا لما قاله الطبيب النفسي الإيطالي جايتانو سجارلاتا. الوضع الحالي للمهاجرين مدمر نفسيا وكان سجارلاتا قد قام، برفقة مجموعة من المشرعين الإيطاليين، بزيارة المهاجرين على متن السفينة يوم الأحد الماضي، حيث قضوا بضع ساعات معهم.

وقال الطبيب الإيطالي، إن "التجربة التي يمر بها هؤلاء المهاجرون قد تؤدي إلى اضطرابات ما بعد الصدمة، وقد يكون لها تأثير يلازمهم طوال حياتهم، ويمكن أن تتطور تلك الاضطرابات إلى أمراض مثل الانفصام والاكتئاب الشديد والأفكار الانتحارية".

وأضاف سجارلاتا، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا"، "نحن نطالب بهبوطهم على الفور، لأن الحالة على متن السفينة غير معقولة، ليس فقط من الناحية البدنية والصحية لكن أيضا من الناحية النفسية". وتابع "لقد تم التعامل مع هذه الطوارئ الطبية بطريقة جيدة، لكن الوضع الصحي على ظهر سفينة الإنقاذ مازال حرجا، على الرغم من عدم تسجيل أمراض خطيرة".

وأردف أنه "من وجهة النظر النفسية، فإن صدمة المهاجرين مستمرة، وعدم سماح السلطات الإيطالية لهم بالهبوط يجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا في أمان، وانعدام الأمان يأتي نتيجة الخوف الذي يؤدي إلى تطور المشكلات النفسية لحالات مثل الوساوس والقلق واضطرابات النوم والاكتئاب".

وأوضح أن "الإحباط الشديد والإرهاق الذي يتعرض له طالبو اللجوء أمر مدمر نفسيا، ومعظم الذين على ظهر السفينة قادمون من مناطق حروب وفقدوا أقاربهم".

المهاجرون يعانون من ندوب جسدية ونفسية واستطرد الطبيب الإيطالي، " لقد غادروا بلادهم من أجل مستقبل أفضل وثابت، وخاضوا رحلات استمرت لأشهر بهدف الوصول إلى ليبيا، وفي أغلب الأحوال عبروا الصحراء لعدة أيام، وشاهدوا رفاق الرحلة وهم يموتون".

وقال إنهم "بمجرد وصولهم إلى ليبيا أصبحوا سجناء، وتم تعذيبهم، وكان عليهم أن يطلبوا من أسرهم أموالا ليتمكنوا من الصعود إلى السفينة، وأصبحت لديهم ندوب جسدية ونفسية".

وتابع "أبلغني أحد المهاجرين أنه كان يعيش في غرفة صغيرة مع 50 شخصا آخرين، وتوفي بعضهم، وتم تركهم في الغرفة ليومين أو ثلاثة".

وأضاف أن "المهاجرين الـ 47 خاطروا بحياتهم في البحر المتوسط، قبل أن يتم إنقاذهم بواسطة سفينة سي ووتش، وكانت تلك بالنسبة لهم لحظة فرح وسعادة، والآن هم خارج سيراكوزا في انتظار أمر بالهبوط في إيطاليا".

ورأى أنه "وضع لا يستطيعون فهمه، لأنهم يعتقدون أن 47 شخصا لا يمكنهم تغيير التوازن الجيوسياسي الأوروبي، ولا يمكنهم كذلك فهم الاستراتيجية وراء الاحتفاظ بـ 47 شخصا كرهائن من أجل الحصول على إعادة توزيع عادلة للمهاجرين من جانب أوروبا".

وتم السماح للسفينة بدخول المياه الإيطالية في 25 كانون الأول/ يناير الجاري، من أجل ضمان سلامة الأشخاص الموجودين على متنها في ظل الطقس السيئ.

بقاء المهاجرين على متن السفينة جريمة وأشار الطبيب النفسي، إلى أنه أجرى مقابلات مع 10 مهاجرين، من بينهم خمسة قاصرين، على متن السفينة، وغالبا ما انتهى بهم الأمر بالبكاء وهم يستعيدون تجربتهم.

وقال إن "عدم اليقين بشأن مستقبلهم هو الأمر أكثر سوءا، فهم يسألون عما إذا كانوا سيهبطون أو سيظلون على متن السفينة أو ستتم إعادتهم إلى ليبيا، وهو الأسوأ".

وزاد "يوجد على متن السفينة 15 قاصرا، بعضهم صغير للغاية لدرجة أنه لا يمكنني إرسال أحدهم لشراء جريدة من مكان بالقرب من المنزل إذا كانوا أبنائي، بينما هم قاموا بعبور الصحراء، وسجنوا وعذبوا وتم ضربهم من أجل الحصول على أموالهم".

واختتم قائلا "لقد فقدوا أخا أو صديقا خلال الرحلة، وهي معجزة أنهم مازالوا أحياء، وجريمة أن يتم الاحتفاظ بهم على متن السفينة".